تقرير – عماد إبراهيم
بعدما انتهت حلاوتهم من عملها بعيادة الفرز بالمستشفى ( استقبال حالات الإشتباه ) ، وكان يوم وقفة العيد ، وهَمّت بالإنصراف عائدة إلى منزلها ، قالت لزملائها وهو تودعهم وتهنئهم بقدوم العيد ، أنها تشعر بتعبٍ شديد ، فاليوم كان شديد الازدحام فى العمل والحالات كثيرة ، وحمدوا الله جميعًا أنهم استطاعوا تقديم يد العون لكل من جاء للمستشفى ، وقالوا لها انها غدًا راحه فى العيد ويمكنها أن ترتاح بقَدْرٍ كافٍ بعد كل هذا العناء والمجهود الشاق ، وهنأوا بعضهم البعض ، وانصرفت عائدة إلى منزلها .
وفى الطريق تنامَى إلى سمعها أغنية أم كلثوم ( ياليلة العيد …) وأحست بسعادة وفرحة لقدوم العيد وهى بين عائلتها يحتفلون به معًا ، وابتسمت وهى تتذكر طفولتها مع قدوم العيد ، وكيف كان شعورها وفرحتها بملابس العيد ، وكيف كانت تحتضن ملابسها وهى نائمة حتى الصباح ، وقالت هكذا هو شعور الأطفال دائمًا ولابد أن يكون هذا هو شعور طفلتى ايضا ، فحلاوتهم عندها طفلة عمرها ثلاث سنوات ، وطوال فترة تواجدها بالمستشفى عهدت إلى أمها برعايتها فى حالة عدم تواجد زوجها بالمنزل .
وأخذت حلاوتهم تتحسس جبينها ، اذ بها تشعر بارتفاعٍ طفيف فى درجة حرارتها ، وبدأ العرق يتصبب منها ، وأخذت تفكر قد تكون انتقلت اليها العدوى ، ولكنها استبعدت هذا التفكير بسرعه وخافت أن تفكر فيه وتترك له مساحة فى بالها ، وطمأنت نفسها بأنها تأخذ كل سُبُل الحماية والوقاية وتحتاط جيدًا وهى فى عملها بين المشتبه في اصابتهم من المرضى .
وعندما وصلت إلى منزلها ، قابلها زوجها بالترحاب مهنئًا بقدوم العيد ، وابتسمت وهى تحاول أن تُداري مابها من آلام اصابتها ، وجاءت ابنتها لترتمى فى حضنها ، فاحتضنتها حلاوتهم بشوقٍ وقالت لها ( حقوم اغير هدومى والبسك هدوم الوقفه، وبكره ان شاء الله البسك هدوم العيد ) فحلاوتهم تعلم جيدًا أن ظروف العيد هذا العام ظروف استثنائية ، فهناك حظر فى الخروج من المنازل للإحتفال ،حتى أنه لن تقام صلاة العيد …. لكنها ككل المصريين نزلت هى وزوجها وطفلتهما واشتريا ملابس جديدة للوقفة وللعيد .
وقامت لتذهب لغرفتها ، وأحست بدوار وكادت أن تسقط على الأرض وسرعان ما قام زوجها واجلسها على الأريكة ، فقالت له : ربما يكون ارهاق العمل ، فاليوم كان شديد الصعوبة ، فتحسس جبينها وقال لها : من الأفضل أن نذهب للمستشفى ، احست لحظتها بأن الأفكار التى راودتها وهى فى الطريق ، ربما تكون صحيحه وانها بالفعل قد انتقلت اليها العدوى ، وهنا تملكها الخوف على ابنتها ، واشارت لها بالابتعاد عنها .
وقام زوجها وأخذها على وجه السرعة إلى المستشفى ، وهناك قام الأطباء بأخذ مسحة ( عينة ) للتحليل وطلبوا منها البقاء فى المستشفى ، فحزنت كثيرًا ليس للشك فى اصابتها ، ولكن لإبتعادها عن ابنتها فى هذا اليوم ، وكيف سيكون شعورها وامها ليست بجانبها لتُلبِسها ملابس العيد ، وأخذت الأفكار الحزينة تتلاعب بفكرها وتدور فى ذهنها طوال الليل ، ولم تنم فى تلك الليلة ، حتى جاء الصباح ، وهاتفها زوجها للإطمئنان عليها ، وأحست بنبرةٍ غير معتاده فى صوت زوجها ، فأخذها القلق على ابنتها وقالت له : ( طمني ، صوتك ماله ، حاسه إن فى حاجه ) فطمأنها بأن الجميع بخير وأن ابنتهم ذهبت عند جدتها لتحتفل بالعيد معهم ، فقالت له : ( بتحاول تداري عنى حاجه ) .
فقال لها : يبدو أنى سأحضر إليك لنحتفل بالعيد فى العزل ، فأنا أشعر ايضًا أن العدوى قد انتقلت الي .
وظهرت نتيجة عينة حلاوتهم يوم العيد بأنها ايجابي للكورونا ، ثم مالبث زوجها أن جاء للمستشفى فى ثانى أيام العيد مصابًا هو الآخر وتم حجزه .
ويقضيا فى المستشفى اسبوع لتلقي العلاج ، وبفضل الله تحسنت حالتهما ، وخرجا ليُكملا العزل فى المنزل .
وكأن الله اراد لهما أن يقضيا العيد معًا ، ولكن ليس فى منزلهما ومع طفلتهما ، بل فى مستشفى العزل ، وفى نفس المكان الذى كثيرًا ما مرّضت فيه حلاوتهم الحالات المرضية بالكورونا .
وبعد أن مَنَّ الله عليها بالشفاء ، واستردت عافيتها ، رجعت لعملها وكلها اصرار على معاودة العمل مرةً أخرى بغرفة الفرز ، ولتكتب صفحةً جديدة من التفاني والإخلاص والجِد والإجتهاد .
كل التحية والتقدير لحلاوتهم ولجميع جنود الجيش الأبيض وجزاهم الله عنّا جميعًا خير الجزاء .





More Stories
برعاية الدكتور مينا يوحنا.. اجتماع موسع لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان بكفر الشيخ لتعزيز الوعي المجتمعي والمشاركة الوطنية
إتحاد “شباب العمال” يشكل غرفة عمليات مركزية وتواصل أعمالها على مدار الساعة لمتابعة سير العملية الانتخابية
كلمات بلا أفعال لن تحقق العدالة المناخية .. تحذير رسمي من الدكتور مينا يوحنا