كتبت ـ فاطمة القاضي
تتحرك مصر فى الأسابيع الأخيرة نحو واحدة من أهم محطاتها السياسية، انتخابات مجلس النواب 2025، فى وقتٍ تتشابك فيه الأسئلة أكثر من الإجابات: من سيحصد ثقة الشارع؟
وهل لا يزال المواطن يؤمن بأن ورقة التصويت قادرة على التغيير؟
بين الحماس والفتور
فى المقاهى وعلى نواصى الشوارع، تُعلّق صور المرشحين وتعلو أصوات مكبّرات الحملة، لكنّ الحماس الظاهر لا يُخفى حالة من الفتور الداخلى لدى كثير من المواطنين.
فالبعض يرى أن الانتخابات صارت “موسم شعارات”، لا تغير من واقعهم شيئًا، فيما يصرّ آخرون على أن المشاركة هى الطريق الوحيد لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
تبدأ الجولة الأولى داخل مصر فى 10 و11 نوفمبر، بينما يصوّت المصريون فى الخارج يومى 7 و8 نوفمبر. أكثر من 2800 مرشح يستعدون لخوض معركة المقاعد الفردية والقوائم الحزبية، وسط وعود بالإصلاح، ومنافسة على رضا الشارع الذى فقد جزءًا من حماسه فى السنوات الأخيرة.
السباق على ثقة الناس
المرشحون يعرفون جيدًا أن الوعود الكبرى لم تعد تُقنع أحدًا. فالجولات الانتخابية الحالية تشهد تحولًا فى الخطاب: من الكلام عن المشاريع العملاقة، إلى الوعود الصغيرة القريبة من حياة الناس
رصف طريق، تحسين خدمات، دعم فرص العمل للشباب.
يقول أحد المرشحين فى دائرة الجيزة: “الناس مش عايزة تسمع عن خطط خمسية.. عايزة تشوف صرف ومياه ونور فى الشارع”.
وفى المقابل، تسعى الأحزاب السياسية لتقديم نفسها بوجه جديد، عبر قوائم تضم شبابًا ونساءً، فى محاولة للاقتراب من نبض الشارع واستعادة الثقة المفقودة.
الناخبون.. بين الأمل واللامبالاة
فى حديثٍ مع سيدة خمسينية تقف أمام مكتب البريد فى بولاق، قالت:
> “كل مرة بننتخب، بنسمع نفس الكلام.. بس يمكن المرة دى يطلع حد عنده ضمير.”
أما محمود، شاب فى العشرينات، فيقول:
> “أنا مش مقتنع إن البرلمان بيغير حاجة، بس هروح أصوت علشان ماحدش يقول الشباب سلبيين.”
تلك الأصوات المتباينة تعكس حال الشارع المصرى ما بين رغبة فى الإصلاح وإحباطٍ متراكم، وبين خوفٍ من أن يتحول التصويت إلى مجرد واجبٍ شكلى.
التحديات والرهانات
الانتخابات القادمة لا تُقاس فقط بعدد المقاعد، بل بمستوى المشاركة.
فكل رقم سيُقرأ بعناية: هل ارتفعت نسبة التصويت عن انتخابات الشيوخ السابقة التى لم تتجاوز 17%؟
أم سيبقى العزوف هو العنوان الأبرز؟
ورغم محاولات الحكومة والهيئة الوطنية للانتخابات لتسهيل التصويت عبر حملات توعية ومراكز انتخابية مجهّزة، إلا أن التحدى الحقيقى هو إقناع المواطن بأن صوته مسموع بالفعل، وأن التغيير يبدأ من الصندوق لا من مواقع التواصل.
إعلام يراقب.. وشارع ينتظر
الإعلام بدوره يعيش اختبارًا لا يقل صعوبة عن المرشحين؛ هل سيكتفى بنقل البيانات الرسمية، أم سيعيد للصحافة دورها كعين الشارع وصوته؟
فى عصر تتزاحم فيه المنصات الرقمية والمصادر البديلة، لن يكون مقبولًا أن يكتفى الصحفى بوصف المشهد، بل عليه أن يفتحه للنقاش، ويضع أمام القارئ الصورة الكاملة بلا تجميل ولا تهويل.
ما بعد الصندوق
بعد انتهاء التصويت وفرز الأصوات، ستبقى الحقيقة الوحيدة أن البرلمان القادم سيحمل ملامح مصر الجديدة: إمّا مجلسًا يُعيد الثقة بين المواطن والدولة، أو مقاعد جديدة تُضاف إلى سجلٍ طويل من الوعود المؤجلة.
الكرة الآن فى ملعب الشارع، وصوت المواطن هو البطل الغائب الذى ينتظره الجميع.





More Stories
ترامب: إسرائيل ستفقد دعم أمريكا بالكامل إذا ضمّت الضفة الغربية
مصر الهيبه و لا عزاء للحاقدين
لديّ نظريتي الخاصة التي تقول…