21 نوفمبر، 2025

الشرق الأوسط نيوز

آخر الأخبار تعرفونها فقط وحصرياً على الشرق الأوسط نيوز موقع اخباري شامل يدور حول العالم

شخصية اليوم المضيئة هى أخصائية التمريض أيه الشحات بمستشفي ايتاى البارود المركزى بالبحيرة

 

متابعة – عماد إبراهيم

 

لم تكن أيه تتخيل انها فى يومٍ من الأيام ستتعرض لتلك الظروف الصعبة التى واجهتها ، ولم يأتى فى تفكيرها قط ، انها قد تمر بتلك المواقف التى لا يمكن أن تُمحَى من ذاكرتها طول العمر .

وأن فكرة الإبتعاد عن ابنها المريض بأحد أمراض نقص المناعه لم تراودها على الإطلاق ولم تأتى فى مخيلتها ابدًا .

دخلت أيه عزل حميات ايتاى البارود ، عندما دَعا داعِى الجهاد على جنود الجيش الأبيض ، فهنا لا مجال للإعتذار لأى أسباب ، ولا سبيل عن التراجع عن أداء الواجب ، فالواجب لا يتنصل منه انسان ولا يتخلى عنه اى شريف ، فما بالنا بجنود الجيش الأبيض وهم الذين اختصهم الله بقضاء حوائج الناس والسهر على راحتهم وعلى عنايتهم ، وهم المنوط بهم رعاية كل مريض وانقاذ كل مُصاب .

فى تلك اللحظات التى علمت أنها ستدخل العزل لتؤدى واجبها ، أول ما فكرت به هو ابنها المريض المتعلق بها أشد التعلق ، حتى أنه لا يكاد يفارقها ولا يأكل أو يشرب إلاّ من يديها ، ويحتاج منها إلى رعاية طبية وأسرية خاصة .
ووجدت الحل رغم صعوبة فكرة الأبتعاد عنه ، بأن تعهد إلى والدتها برعايته وسط تلك الظروف ، ودبرت أيه حالها وتوكلت على الله واستودعت ابنها واهلها عند الله ، وهى فى بالها انها لن تقابلهم مرةً أخرى .

وطمأنتها أمها بأنها ستعود إليهم سالمةً من كل مكروه و سوء ودعت لها بأن يحفظها الله عز وجل وأن يرجعها سالمةً اليهم ، وترجع لتأخذ طفلها فى حضنها من جديد .

ودخلت أيه العزل ولم تكن تتخيل أنها ستقابل مثل تلك الحالات المرضية الصعبة ، فهنا شبح الموت يُلقى بظلاله على كل ركنٍ من أركان المكان ، واذ بأيه يتملكها شجاعة لم تكن تعرف انها تتمتع بها من ذى قبل .

فلم تخف مما ترى ، وكأن الله سبحانه قد منحها قوةً لا تضاهيها قوة ، فَشَمَّرت عن ساعد الجِد والإجتهاد وأخذت تشحذ من همم زملائها ، وتبعث فى أنفسهم روح الهمة والنضال ، كى يذودوا معًا عن المرضى ضد هذا الوحش ، هذا الشبح المخيف الذى يقتطف ارواح الناس ولا أحد يراه .
فإيمانها بالله لا ينقضى وبأن بعد العسر يسرا ، وأن هذه المحنه ، لابد أن تنقضى ، وأن فرج الله آتٍ .

وتمضى الأيام الصعاب وهى فى العزل تتفانى وتجتهد فى أداء واجبها ، وتحلم باليوم الذى ترجع فيه لتضم صغيرها إلى حضنها مرةً أخرى .
ويحين موعد العوده للمنزل ، وكلها شوقٌ ولهفة لمقابلة أهلها وأخذ طفلها فى حضنها وتعود به لمنزلها .
لكنها صُدِمت عندما قابلت جيران والديها ، اذ بهم يهربون من امامها كأنهم رأوا الموت ذاته ، حالهم كحال الكثيرين ممن اصابهم الفزع من مجرد ذكر اسم الكورونا فى تلك المرحله .

لكنها بعد برهة من الإندهاش قابلت ذلك بابتسامةٍ فى داخلها ، والتمست لهم العذر لتخوفهم منها على أساس انها مخالطة للمصابين فى المستشفى ، وأحست بطمأنينه فى قلبها بأنها راضية عن
نفسها وتشعر بأن الله سبحانه راضٍ عنها ، فلا يهم نظرة الخوف التى تقابلها فى عيون البشر .

وبعدها دخلت أيه العزل مراتٍ ومرات ، تؤدى واجبها وتتفانى فيه لأبعد مدى ، مما جعل زملائها ورؤسائها يقدرون لها ذلك ، وكلما قام مريضٌ بالدعاء لها بالستر أو قام بشكرها ، لا يستطيع أحد أن يصف الفرحه التى تُحس بها فى قلبها ، وتردد دائمًا
اللهم أعِنِّى على رعاية كل مريض ، ووفقنى لتلبية واغاثة كل مُصاب ، يارب العالمين .

اللهم آمين …. كل التحية لأيه ولكل جنود الجيش الأبيض واللهم جازهم عنَّا جميعًا خير الجزاء .