دراسة قضائية تكشف حق مصر فى استرداد قروض سددتها للدولة العثمانية وبريطانيا
تقرير – رباب عنان
بمناسبة العيد الماسى لمجلس الدولة أعرق جهاز قضائى فى منطقة الشرق الأوسط
وفى دراسة توثيقية تاريخية وحيدة لليوبيل الماسى لمجلس الدولة بمرور (75) عاماً على إنشائه
تفتح الجمهورية الجديدة فى عهد الرئيس السيسى كنوز السيادة الوطنية فى اليوبيل الماسى لمجلس الدولة
تحكى دوره الوطنى الغائب ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم ثورة 1952 للمفكر والمؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى
فى مؤلفه بعنوان (الغائب فى اليوبيل الماسى لمجلس الدولة تاريخ ومواقف)
التراث العظيم للأجداد الأوائل لنشأة مجلس الدولة فى السيادة الوطنية ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 من الضباط الأحرار بالجيش المصرى
وهى الدراسة التى حظيت بالاهتمام الوطنى للدولة , ونعرض لها لأهميتها التوثيقية المتفردة فى حياة الأمة المصرية .
ونعرض الجزء السابع من تلك الدراسة التوثيقية الهامة للقاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
عن أحقية الدولة المصرية في الرجوع علي تركيا بما دفعته من أصل وفوائد قروض الجزية منذ سنة 1915 حتى 1955 وعدم سقوط حق الدولة المصرية بالتقادم .
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى – نائب رئيس مجلس الدولة ٠٠
أن حقوق مصر المالية تجاه تركيا تثبته وثائق تاريخية خطيرة تنحصر فى 5 عناصر
أحدهما أن أحقية الدولة المصرية في الرجوع علي تركيا
بما دفعته من أصل وفوائد قروض الجزية منذ سنة 1915 حتى 1955
وعدم سقوط حق الدولة المصرية بالتقادم من خلال الفتوى التاريخية للمستشار الإمام الخريبى رئيس القسم الاستشارى للفتوى والتشريع
استناداً إلى أن حكومة الامبراطورية العثمانية القديمة اقترضت في عامى 1891 و 1894 قرضين من بنك روتشلند بانجلترا
واتفق على أن يؤدی خديو مصر أقساط هذين القرضين من الجزية المفروضة على مصر
و أن الجزية سقطت بزوال السيادة العثمانية بإعلان مصر الحرب ضدها فى 5 من نوفمبر سنة 1914
وقد بلغت حقوق مصر المالية بعد سقوط الجزيةمبلغ 23.174.984 جنيها من 1914 حتى 1955
الديون التى اقترضتها الامبراطورية العثمانية القديمة انفقت على أراضى الامبراطورية جميعها وليس من العدل أن تتحملها مصر وحدها
وأنه رغم أن معاهدة لوزان المعقودة في 23 من يوليو سنة 1924 ورد فيها بأن تلتزم مصر بسداد ديون الامبراطورية العثمانية المضمونة بالجزية
إلا أن مصر لا تلتزم بنصوصها لأنها لم تكن طرفاً فيها ,
و مصر انفصلت فعلا عن تركيا قبل تاريخ ابرام هذه المعاهدة عندما أعلنت الحرب ضدها فى 5 من نوفمبر سنة 1914
ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن مصر الأبية كانت مستقلة في نظر الدول ويقوم بتمثيلها في الخارج ممثلوها الدبلوماسيون قبل توقيع هذه المعاهدة بين تركيا والحلفاء
وحق الدولة المصرية لن يسقط بالتقادم لأن المعاملات بين الدول يختلط فيها الالتزام المدني بالالتزام الطبيعی اختلاطا وثيقا لا يقبل التجزئة وقائم على أساس حسن المعاملة والثقة الدولية واحترام الدولة لإلتزاماتها.
ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أنه من الفتاوى التاريخية المهمة فى تاريخ مجلس الدولة عن حقوق الدولة المصرية تجاه الامبراطورية العثمانية القديمة التى تتحملها تركيا
وبيان مدى أحقية الجمهورية العربية المتحدة في الرجوع علي تركيا بما دفعته من أصل وفوائد قروض الجزية منذ سنة 1915 حتى 1955
وذلك فى السنة السابعة عشر للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع على نحو يبين من كتاب المستشار الإمام الخريبى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس القسم الاستشارى للفتوى والتشريع فى ذلك الوقت الموجه للسيد وزير الشئون البلدية والقروية
حسبما يبين من كتابه ملف رقم 1/2/4 – 1321 المؤرخ 27 نوفمبر سنة 1963
في شأن الطلب الذي تقدم به وزير الخزانة لمجلس الدولة لبيان مدى أحقية الجمهورية العربية المتحدة في الرجوع علي تركيا بما دفعته من أصل وفوائد قروض الجزية منذ سنة 1915 حتى 1955.
ويضيف أن هذا الموضوع عرض على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 20 من سبتمبر سنة 1963
فاستبان لها أن حكومة الامبراطورية العثمانية القديمة كانت قد اقترضت في سنتى 1891 و 1894 قرضين من بنك روتشلند بانجلترا
واتفق على أن يؤدی خديو مصر أقساط هذين القرضين من الجزية المفروضة علي مصر
وعلى هذا أصدر خديو مصر أمرين (أولهما) في 20 من مارس سنة 1891 و(ثانيهما) في 30 من مايو سنة 1894
نصا على قبول الخديو دفع قيمة هذين القرضين من ويرکو مصر الواجب عليه وعلي خلفائه في الحال والاستقبال دفعه الى الحكومة الشاهانية العثمانية
واستمرت مصر في أداء أقساط الدينين إلى سنة 1915 حين سقطت الجزية عنها بزوال السيادة العثمانية فى 5 من نوفمبر سنة 1914
إلا أن حكومة مصر ظلت ، رغما عن ذلك ، تدفع هذه الأقساط إلى أن انتبهت سنة 1924
حين قرر البرلمان بأن مصر لم تعد ملزمة اعتبارا من 5 من نوفمبر سنة 1914 بالاستمرار في دفع الأموال اللازمة للوفاء بهذين القرضين
وعلى الحكومة أن تكف عن دفع أي قسط بعد القسط المستحق فى 13 من يوليو سنة 1924 .
ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى قيام بنك روتشلند بانجلترا برفع دعوى أمام محكمة مصر المختلطة مطالباً الحكومة المصرية بأداء أقساط القرضين
وبجلسة 15 من يونيه سنة 1925 قضت المحكمة بإلزام الحكومة بدفع جميع أقساط القرضين حتى تمام الوفاء
فاستأنفت الحكومة هذا الحكم ولكن محكمة الاستئناف المختلطة أيدته بحكمها الصادر بجلسة 21 من أبريل سنة 1926
وتنفيذا لهذا الحكم استمرت الحكومة في دفع أقساط الدينين حتى سنة 1955
وبلغ ما دفعته بعد سقوط الجزية مبلغ 23.174.984 جنيهاً
وحينما تم الوفاء بدأت وزارة الخزانة المصرية في مراجعة مستندات القرضين وتبين لها أن لمصر حق الرجوع على تركيا بهذا المبلغ.
و يوضح الدكتور محمد خفاجى أن الوفاء بقيمة الدينين المشار إليهما قد استند الى الأمرين اللذين أصدرهما خديو مصر فی سنتى 1891 و 1894
والذي جاء فيهما٠٠
أنه يقبل أن يدفع هذا المبلغ من ويرکو مصر الواجب عليه وعلي خلفائه في الحال والاستقبال دفعه الى الحكومة الشاهانية العثمانية
أي أن وعاء الوفاء بهذين الدينين كان محددا بالذات ومرتبطا بدفع الجزية ارتباطا لا يقبل التجزئة ويدور معه وجودا وعدما
فاذا ما أسقط التزام مصر بدفع الجزية فإنه يكون من الطبيعي والحالة هذه أن يرفع التزامها هذا الوفاء .
ويذكر إذ كانت مصر قد انقسمت عن تركيا فى 5 من نوفمبر سنة 1914 بإعلانها الحرب ضد هذه الأخيرة
ولم تعد مصر تدفع تلك الجزية من هذا التاريخ فإنها تتحلل بذلك من الاستمرار في الوفاء بقيمة الأقساط المستحقة من هذين القرضين بسقوط التزامها بدفع الجزية ،
ويعتبر ما أدته منها حينئذ قد تم بدون وجه حق .
و قد يقال في هذا الصدد أنه من المقرر في فقه القانون الدولى طبقا لقاعدة الميراث الدولي
أنه في حالة انفصال جزء من إقليم دولة واستقلاله بأمر نفسه يتحمل هذا الإقليم المستقل نصيبا من الديون العامة
التي تكون الدولة الموروثة قد اقترضتها باعتبار أن ديون الدولة إنما اقترضت لفائدة إقليمها بأجمعه
ولذا كان من الطبيعي أن تتحمل الدولة الوارثة نصيبا من تلك الديون تأسيسا على أنها قد استفادت منها الى حد ما.
وفي معرض بيان القاعدة التي تسير عليها الدول في كيفية تحديد هذا النصيب أخذ بعضها بمعيار نسبة عدد السكان
والبعض الآخر بنسبة ضريبة المساحة، والرأي الراجح بنسبة الضرائب التي يدفعها الإقليم المستقل إلى مجموع الضرائب العامة التي تدفعها الدولة
و أساس الأخذ بذلك المعيار أو غيره هو افتراض أن تكون الديون التي اقترضتها الامبراطورية العثمانية القديمة
انما انفقت على أراضي الامبراطورية بأجمعها بما فيها مصر
أي أن تكون مصر قد استفادت بالفعل من هذين الفرضين في أية صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال وهو الامر الذي تتحمل تقريره وبيانه الحكومة التركية .
ويضاف إلى ذلك٠٠
أنه وإن كانت معاهدة لوزان المعقودة في 23 من يوليو سنة 1924 قد ورد فيها بأن تلتزم مصر بسداد ديون الامبراطورية العثمانية المضمونة بالجزية
إلا أنه يلاحظ أن هذه المعاهدة ليس لها في حد ذاتها تأثير على مصر ولا تلتزم بنصوصها
ذلك لأن مصر لم تكن طرفاً في تلك المعاهدة من جهة ,
كما أنها لا تعتبر من البلاد التي انفصلت عن ترکيا بحكم هذه المعاهدة من جهة أخرى
إذ أن مصر قد انفصلت فعلا عن تركيا قبل تاريخ ابرام هذه المعاهدة عندما أعلنت الحرب ضد تركيا فى 5 من نوفمبر سنة 1914
وكما صدر تصريح 28 من فبراير سنة 1928 ,
وفضلا عن ذلك فإن مصر كانت مستقلة في نظر الدول
ويقوم بتمثيلها في الخارج ممثلوها الدبلوماسيون قبل توقيع هذه المعاهدة بين تركيا والحلفاء
وليس أدل على ذلك بأن واضعي المعاهدة أنفسهم لم يغفلوا تلك الحقيقة ذاتها
فقد نصوا في المادة 19 منها على أن ٠٠
( الأحكام الواردة في هذه المعاهدة بخصوص الأقاليم المنفصلة عن تركيا لا تسرى على مصر )
وتركوا المسائل الناشئة عن الاعتراف بالدولة المصرية لتنظمها اتفاقات تعقد فيما بعد بين الدول صاحبة الشأن.
وقد سلكت مصر فعلا هذا السبيل عندما أبرمت مع ترکيا بتاريخ 7 من أبريل سنة 1937 اتفاقا في شأن الجنسية لبيان من يعتبر مصرى الجنسية ومن يعتبر ترکی الجنسية
وأن كثيرا من المسائل الأخرى لم يتم الاتفاق عليها بعد , ويمكن أن يكون موضوع هذا القرض من ضمن المسائل التي يجوز الاتفاق عليها باعتبار أنها مازالت معلقة ولم يفصل فيها.
ولا يعترض على هذه النتيجة بمقولة سقوط الحق في المطالبة بهذه المبالغ بالتقادم
إذ أن التقادم في مجال القوانين المحلية يقوم إما على قرينة وفاء الدين بدينه أو تحقيق لمبدأ حسم المنازعات
وعدم تأبيدها استقراراً للأوضاع والمعاملات ،
ويتخلف عن سقوط حق الدائن في الرجوع على مدينة التزام طبيعى
أما في المجال الدولي فيلاحظ أن العلاقات بين الدول – وهي علاقات مستمرة مؤبدة – لا يقطعها مؤقتا إلا ظروف دولية محددة يزول الوقف بين هذه العلاقات بزوالها
ومما لاشك فيه أن المعاملات بين الدول يختلط فيها الالتزام المدني بالالتزام الطبيعی اختلاطا وثيقا لا يقبل التجزئة
لأنه التزام قائم على أساس حسن المعاملة والثقة الدولية واحترام الدولة لإلتزاماتها
وبالتالي لا يكون هناك مجال للقول بسقوط حق الجمهورية العربية المتحدة في المطالبة بحقوقها سالفة الذكر.
وانتهى رأي الجمعية العمومية إلى أن للجمهورية العربية المتحدة حق الرجوع على تركيا بما سبق أن دفعته من أقساط القرضين المذكورين من سنة 1915 حتى سنة 1955
وأن حقها في هذه المطالبة لم يسقط بالتقادم .
وينتهى الدكتور محمد خفاجى الرأى عندى أن هذه الفتوى مهمة للغاية على صعيد الحقوق التاريخية المالية للدولة المصرية تجاه تركيا
فأحقية الدولة المصرية في الرجوع علي تركيا بما دفعته من أصل وفوائد قروض الجزية منذ سنة 1915 حتى 1955 بات مستقرا فى ضمير القانون الدولى
وأنه على الرغم من أن حكومة الامبراطورية العثمانية القديمة اقترضت في سنتى 1891 و 1894 قرضين من بنك روتشلند بانجلترا
واتفق على أن يؤدی خديو مصر أقساط هذين القرضين من الجزية المفروضة علي مصر
إلا أن الجزية سقطت بزوال السيادة العثمانية بإعلان مصر الحرب ضدها فى 5 من نوفمبر سنة 1914 .
واختتم , كما أنه على الرغم أن معاهدة لوزان المعقودة في 23 من يوليو سنة 1924 ورد فيها بأن تلتزم مصر بسداد ديون الامبراطورية العثمانية المضمونة بالجزية
إلا أن مصر لا تلتزم بنصوصها لأنها لم تكن طرفاً فيها ,
و مصر انفصلت فعلا عن تركيا قبل تاريخ ابرام هذه المعاهدة عندما أعلنت الحرب ضدها فى 5 من نوفمبر سنة 1914
إن مصر الأبية كانت فى ذلك الوقت مستقلة في نظر الدول ويقوم بتمثيلها في الخارج ممثلوها الدبلوماسيون قبل توقيع هذه المعاهدة بين تركيا والحلفاء.
كما أن حق الدولة المصرية لن يسقط بالتقادم
لأن المعاملات بين الدول
يختلط فيها الالتزام المدني بالالتزام الطبيعی اختلاطا وثيقا لا يقبل التجزئة وقائم على أساس حسن المعاملة والثقة الدولية واحترام الدولة لإلتزاماتها .





More Stories
برعاية الدكتور مينا يوحنا.. اجتماع موسع لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان بكفر الشيخ لتعزيز الوعي المجتمعي والمشاركة الوطنية
إتحاد “شباب العمال” يشكل غرفة عمليات مركزية وتواصل أعمالها على مدار الساعة لمتابعة سير العملية الانتخابية
كلمات بلا أفعال لن تحقق العدالة المناخية .. تحذير رسمي من الدكتور مينا يوحنا