21 نوفمبر، 2025

الشرق الأوسط نيوز

آخر الأخبار تعرفونها فقط وحصرياً على الشرق الأوسط نيوز موقع اخباري شامل يدور حول العالم

شخصية اليوم المضيئة منى ابراهيم المعداوي مشرفة تمريض بمستشفى كفر الدوار العام بمحافظة البحيرة

 

تقرير – عماد إبراهيم

 

لم تكن منى تدري أن الأقدار تسُوق لها مالم يكن فى حسبانها ابدًا … فهى افاضت فى تعريف وتثقيف كل من حولها بكل ماتعلمه من معلومات عن الكورونا ، ونصحت الجميع بما فيه الكفايه ، بإتباع كافة الإجراءات الإحترازية التى يُعلن عنها كل يوم ، ويتكلم عنها الجميع ، وذلك مع كل اتصال تليفونى وارد اليها أو صادر عنها ، مع كل الأهل والأصدقاء .

واهتمت منى أشد الإهتمام بإسداء تلك النصائح الشبه يومية لعائلتها بالخصوص ، فهى هنا فى الحجر ، ترى الحالات المرضية العاجزة عن التنفس إلا بوجود اجهزة التنفس الصناعى ، أو بتوصيل الأكسجين اليها ، والتى يصعب وصفها من شدة وضعها الصحي الحرٍج .
وكلمة حالات حرجه لا تُعبّر عن هول ماترى أمامها ، فالصورة هنا قاتمة ، وشبح الموت يُلقى بظلاله على المكان ، ورغم ذلك فهى وزملائها واقفين كحائط صد منيع أمام هذا الوحش ويقاوموه بكل عزم وما أوتُوا من قوة .

وكانت منى كلما رأت حالة تُفقَد منهم ويأخذها الموت تبكى كثيرًا وتدعو الله سبحانه أن لا ترى مكروها فى عزيزٍ لديها ، وأن يحفظها ويحفظهم ولا ترى أحد منهم بجوار هؤلاء المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة ، أمام هذا الشبح المخيف الذى ضرب العالم أجمع والكل عاجز عن مجابهته ، والأمل فقط فى رحمة الله سبحانه وتعالى .

ولا تنسى منى ذلك اليوم الذى كانت تطمئن هاتفيا على عائلتها ، وأخبروها أن أمها مريضة جدا وحالتها تسوء وأنهم خائفون من دخولها المستشفى ، فتسوء حالتها للأسوأ ….
وقفت منى عاجزة أمام ما سمعته ، من هول المفاجأة ، فهى متعلقة بأمها أشد التعلق ، وأخذتها الأفكار يمينًا ويسارًا ، ولابد لها من اتخاذ قرار سريع وفوري ، ورأت انه من الأفضل دخول أمها المستشفى لتلقّي العلاج وتكون تحت العناية والملاحظة المستمرة ، التى لا يمكن أن تتوفر فى المنزل بأي صورة أو بأي حال .

وبالفعل تم دخول الأم الحجر ، واجتمعت منى بأمها ، وصدمها ما رأت من حالة والدتها الحرجة ، التى تدهورت سريعًا ، وأصبحت منى بين نارين ، فهى لابد لها من تأدية واجبها بالكامل نحو جميع المرضى ، ومن ناحية أخرى لا تريد أن تفارق أمها لحظةً واحدة فى تلك الظروف الصحية العصيبة التى تمر بها أمها .

وضربت منى أروع الأمثلة فى التعامل مع كافة المرضى ، فلم يقتصر جهدها على رعاية أمها المريضة فقط ، بل كانت توزع الوقت والجهد على الجميع ، ولا تكل ولا تمل من بذل الجهد والكد والتعب و العطاء للجميع .

وتسوء حالة والدتها أكثر وأكثر وتقف منى عاجزة أمام حالة والدتها المتدهورة ، وكلما نظرت إلى والدتها تحاول بشتى الطرق أن تدارى الدمع فى عينيها وتحاول طمأنتها بالكلام المتعثر الذى يقف فى حلقها ويأبى الخروج من شدة حزنها على ما آل إليه حال أمها .

فكانت كلما أخذت فترة راحه ، تذهب بسرعة حيث ترقد أمها ، وتبقى بجوارها تقوم على رعايتها بكل ما أوتيت من قوةٍ ، حتى جاء ذلك اليوم وذهبت الروح إلى بارئها ، عندها انهارت من البكاء لفقدان أعز الناس لديها ، لكنها سرعان ماتماسكت بعد فترة وجيزة، وقررت الصمود لتقف فى وجه هذا العدو الخفي الذى حصد روح أعز الناس عندها .
وقررت أن تجابهه بكل قوة وبكل عزيمة وأبت ألا تدخر وقتا ولا جهدا فى اسعاف مصاب أو رعاية محتاج .

كل الأمنيات الطيبة ل منى ولكل جنود الجيش الأبيض ، ورحم الله والدتها وكل شهداء الكورونا وعفانا الله وإياكم أجمعين …. اللهم آمين .