21 نوفمبر، 2025

الشرق الأوسط نيوز

آخر الأخبار تعرفونها فقط وحصرياً على الشرق الأوسط نيوز موقع اخباري شامل يدور حول العالم

جريمة القتل بالوسائل المعنوية الحديثة٠٠ وهل يعاقب القانون عليها؟

جريمة القتل بالوسائل المعنوية الحديثة٠٠ وهل يعاقب القانون عليها؟

تقرير – رباب عنان

جريمة القتل بالوسائل المعنوية هو٠٠

هو إزهاق إنسان لروح إنسان آخر دون المساس بجسمه إنما بإحداث انفعالات تؤثر على عمل أعضائه الداخلية فتؤثر على عمل هذه الأعضاء أو تعطلها مما تؤدي إلى وفاته.

وقد عرف المستشار مصطفى مجدي هرجة
القتل بوسائل معنوية بقوله٠٠

هو إزهاق الروح بدون المساس بجسم المجني عليه إنما يتم القتل بإحداث انفعالات للمجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى وفاته.

أمثلة على القتل بالوسائل المعنوية٠٠

ترويع طفل صغير مريض بالأعصاب بطريقة متتابعة ومتصاعدة حتى ينهار ويموت٠

شتم وإهانة شخص مريض يتأثر بالانفعالات٠

إشهار سلاح في وجه آخر والتهديد بقتله فيموت المجني عليه فزعاً
وعندها يعاقب الجاني بعقوبة القتل.

أما إذا لم يمت المجني عليه أو لم يصب بأذى
ولم يكن قصد الفاعل سوى التهديد فيعاقب على التهديد لأنه يشكل جرماً مستقلاً بحد ذاته.

إلقاء أفعى ميتة على شخص نائم٠

الصيحة على شخص يقف على حافة عالية فيسقط٠

أساليب الضغط النفسي من تعذيب وقهر متلاحق كحرمان شخص من أحبائه أو تجريده من أملاكه.

حمل نبأ مزعج إلى شخص مريض بالقلب بطريقة وظروف ويوقعه فيها بنوبة قلبية تنتهي بوفاته.

كل هذه الأفعال تعتبر جرائم قتل
(مقصودة أو غير مقصودة حسب نية الفاعل)
فيما إذا أدت إلى وفاة المجني عليه.

موازنة بين القتل بالوسائل المعنوية والقتل بالوسائل المادية٠٠

إن النصوص القانونية الخاصة بجرائم القتل في قانون العقوبات تحدثت عن القتل بشكل عام٠

وميزت بين أنواعه المقصود وغير المقصود وصنفت النوع الأول (المقصود)٠

إلى ثلاثة أصناف هي٠٠

القتل البسيط، والقتل المخفف، والقتل المشدد.

لكنها لم تميز بين الوسائل التي يمكن أن ترتكب بها جرائم القتل٠

فجاءت هذه النصوص عامة وشاملة لكل الوسائل المادية منها والمعنوية٠

وبذلك فإن كل ما يمكن أن ينطبق على القتل بالوسائل المادية تقريباً ينطبق على القتل بالوسائل المعنوية٠

من حيث أركان جريمة القتل من فعل ونتيجة وعلاقة سببيه وكذلك من حيث نية الفاعل وقصده الإجرامي٠

والعقوبة المقررة ويقتصر الاختلاف بينهما على نوع الوسيلة وآثارها وعلى إثبات وقوع فعل القتل وقصد الفاعل٠

أولاً : أوجه الاتفاق٠٠
من حيث الركن الأول٠٠

وهو الركن المفترض الذي يتطلب وقوع القتل على الإنسان الحي
ففي كلا الحالتين سواء كان القتل بوسيلة مادية أو معنوية

فلا بد أن يقع على إنسان حي ففعل القتل لا يمكن أن يقع على إنسان ميت.

من حيث الركن المادي٠٠
فكلا الحالتين يشترطان توافر هذا الركن بعناصره الثلاث٠٠

الفعل٠٠
فعل الاعتداء الذي يمارس على إنسان حي فكلا النوعين يتطلب القيام بعمل
سواء كان هذا العمل مادياً أم معنوياً.

النتيجة٠٠
كلا الفعلين المادي والمعنوي لا بد أن يؤديان إلى النتيجة نفسها وهي الموت.

العلاقة السببية٠٠
كلا الفعلين يتطلب توافر العلاقة السببية بين الاعتداء المادي أو المعنوي وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليه.

من حيث الركن المعنوي٠٠

كلاهما يتطلب توافر نية إزهاق الروح لدى الفاعل حتى تقام المسؤولية الجزائية عليه ويفرض العقاب بحقه٠

فإن توفرت النية وقصد القتل فالجريمة تكون قنلاً مقصوداً أما إذا انتفت فالجريمة هي قتل غير مقصود لأنها تمت بخطأ من الفاعل.

ويمكن أن يقع القتل خطأ بكلا الوسيلتين
(المادية والمعنوية)٠

كأن يكون قصد الجاني هو مجرد إحداث انفعال لدى المجني عليه وألم وعذاب نفسي فتحدث الوفاة.

ثانياً : أوجه الاختلاف٠٠
في القتل بوسائل مادية٠٠

يستعمل الجاني أداة مادية ملموسة
يستخدمها لإزهاق روح المجني عليه٠

وغالباً ما تكون هذه الأداة معروفة وشائعة الاستخدام في جرائم القتل
كالسلاح الناري أو الأداة الحادة أو العصا أو السم.

أما القتل بالوسائل المعنوية٠٠

فقلما يستعمل الجاني فيه أي أداة أو وسيلة مادية لإزهاق روح المجني عليه٠

لأنه غالباً يتم القتل بالتلفظ بكلمات أو بالقيام بحركات تؤثر على نفس المجني عليه وأعصابه٠

كالتهديد أو التخويف أو نقل الأخبار المزعجة أو الضغط النفسي.

في القتل بالوسائل المادية٠٠

تظهر عادة آثار الفعل القاتل على جسم المجني عليه الخارجي٠

فالأداة الحادة مثلاً تترك جرحاً ينزف والعصا تترك ورماً والسم يحدث آثاراً عضوية في جسم المجني عليه (كالازرقاق والغثيان وما شابه ذلك من علامات التسمم).

أما القتل بالوسائل المعنوية٠٠

فغالباً ما يكون أثر الفعل المعنوي القاتل منصباً على جسم المجني عليه الداخلي وأعضائه الداخلية٠

فالرعب والخوف الشديدين قد يؤديان إلى احتشاء عضلة القلب تؤدي إلى الوفاة٠

والضغط النفسي الشديد قد يؤدي إلى انهيار عصبي
إلا أنه قد تظهر أحياناً على وجه المجني عليه علامات الانفعالات والإرهاق.

القتل بالوسائل المادية٠٠

وهو الأكثر شيوعاً ولا خلاف حوله حيث يمكن بسهولة إثبات وقوع الفعل وارتباطه بالنتيجة٠

ويمكن إثبات قصد الفاعل ونيته الجرمية من خلال الأداة التي استخدمها أو من خلال ظروف الواقعة.

أما القتل بالوسائل المعنوية فقلما نجد له تطبيقاً في الحياة العملية٠

وتختلف الشرائع الوضعية حول إمكانية وقوعه والمعاقبة عليه٠

وذلك يعود إلى صعوبة إثبات وقوع الفعل وارتباطه بالنتيجة الجرمية وكذلك الصعوبة في إثبات قصد الفاعل الجرمي.

الموازنة بين القتل بالوسيلة المعنوية والقتل بالامتناع٠٠

كثيراً ما يتم الخلط بين جريمة القتل بوسيلة معنوية وجريمة القتل بالامتناع٠

ويظن البعض بأنهما جريمة واحدة إلا أنهما في الحقيقة يختلفان عن بعضهما من عدة وجوه
وكذلك يتشابهان في وجوه أخرى٠

فصحيح أن كلا الجريمتين تعتبران جريمة قتل فهما يؤديان إلى نتيجة واحدة
وهي إزهاق روح إنسان حي
إلا أنهما يختلفان في طريقة هذا الإزهاق.

فالقتل بوسيلة معنوية٠٠

يتطلب القيام بفعل غير مادي ينصب على جسم المجني عليه الداخلي ( أي على أعصابه ومشاعره)
فيؤدي إلى اضطراب فيزيولوجي ينتهي بوفاته.

بينما القتل بالامتناع أو بالترك٠٠

فهو لا يتطلب القيام بأي فعل مادي أو معنوي
إنما يتم بامتناع شخص عن القيام بعمل كان عليه القيام به بغية القضاء على حياة شخص آخر٠

فامتناعه أو تركه لهذا الفعل هو الذي أدى إلى موت المجني عليه.

بالنسبة للركن المادي٠٠
الركن المادي لجريمة القتل بالامتناع يتكون من عناصر ثلاث هي٠٠

امتناع عن فعل يفرض القانون أو الواجب القيام به٠
نتيجة جرمية هي الوفاة.

علاقة سببية بين الامتناع وحدوث الوفاة بحيث يثبت بأن الوفاة لم تكن لتحدث

فيما لو قام الجاني بالفعل الذي امتنع عنه
فامتناعه عن القيام بالفعل هو الذي سبب الوفاة .

بينما يتكون الركن المادي لجريمة القتل بالوسائل المعنوية من ثلاث عناصر أيضاً تختلف عن الركن المادي للقتل
بالامتناع في العنصر الأول وتتشابه في بقية العناصر٠

فهي تتكون من٠٠

قيام بفعل معنوي يجرمه القانون.
نتيجة جرمية هي الوفاة.
علاقة سببية بين الفعل المعنوي وحدوث الوفاة
أي أن يثبت بأن الوفاة لم تكن لتحدث في حال امتنع الجاني عن القيام بالفعل
فالفعل غير المادي هو الذي سبب الوفاة.

بالنسبة للركن المعنوي٠٠

القتل بوسيلة معنوية والقتل بالامتناع كلاهما يتطلب توافر نية القتل لدى الفاعل٠

لمساءلته عن جريمة قتل مقصودة مع الأخذ بعين الاعتبار وجود صعوبة في إثبات هذه النية والقصد الجرمي في الجريمتين٠

كونه لا يوجد فعل مادي ملموس يمكننا من خلاله الكشف عن نوايا الفاعل الحقيقية٠

إضافة إلى صعوبة إثبات توافر العلاقة السببية بين السلوك السلبي أو الفعل المعنوي من جهة
وبين حدوث الوفاة من جهة أخرى.

وبسبب صعوبة إثبات نية الفاعل وقصده الجرمي فإننا من النادر أن نجد في الحياة العملية٠

أن تقام الدعوى العامة في القتل بالامتناع بتهمة القتل المقصود وإنما يلاحق الفاعل غالباً بتهمة القتل الخطأ
ومن أوجه الاختلاف بين جريمتي القتل المعنوي والقتل٠

بالامتناع هو وجود نص صريح في القانون السوري عن القتل بالامتناع وغيابه في القتل بوسيلة معنوية.

فقانون العقوبات٠٠

لم يذكر القتل المعنوي بشكل صريح ضمن نصوصه بل اكتفى بالنص العام وهو نص المادة 533 عقوبات٠

التي تحدثت عن القتل بوجه عام دون أن يحدد وسيلة القتل٠

وهذا يدل على أن القانون السوري ساوى بين وسيلة القتل المادي والمعنوية .

بينما ورد ذكر الجريمة بفعل سلبي (بالامتناع) في نصوص قانون العقوبات السوري بشكل صريح٠

وكانت تدل على مساواته بالفعل الايجابي
فقد ورد ذكره في المادة 188 عقوبات التي تعرف القصد الاحتمالي٠

فنصت على أنه٠٠

تعد الجريمة مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل إذا كان قد توقع حصولها وقبل بالمخاطرة٠

كما ورد ذكر الفعل السلبي في صلب المادة 190 عقوبات والتي تعرف الجريمة غير المقصودة بقولها٠٠

تكون الجريمة غير مقصودة سواء لم يتوقع الفاعل نتيجة فعله أو عدم فعله المخطئين٠

وكان باستطاعته أو من واجبه أن يتوقعها وسواء توقعها فحسب أن بإمكان اجتنابها٠

كما ورد ذكر الجريمة بالامتناع في نصوص أخرى كنص المادة 202 والتي تتحدث عن قواعد السببية وغيرها٠

والجدير بالذكر أن القانون السوري اشترط للمعاقبة على٠٠

الامتناع أن يكون الممتنع قد خالف في امتناعه واجباً قانونياً٠

أو التزاماً يقضي عليه التدخل للمحافظة على حياة المجني عليه وسلامته٠

وهناك حالات خاصة عاقب فيها المشرع السوري على مجرد الامتناع عن المساعدة أو عدم المبادرة إلى الإسعاف

دون أن يشترط لقيام المسؤولية وفرض العقاب إحداث نتيجة ضارة ودون أن يتطلب توافر القصد الجرمي للقتل أو الإيذاء في نفس الممتنع٠

كما في المواد 552 و 755 من قانون العقوبات والمادة 239 من قانون التجارة البحرية إلا أن هذه الحالات تبقى استثناء أما القاعدة فهي ما ذكرناه.

أمثلة على جريمة القتل بالامتناع٠٠

امتناع معلم السباحة عن إنقاذ أحد تلامذته وهو يغرق.
امتناع الأم عن إرضاع طفلها بقصد قتله، فيموت.

امتناع رجل الإطفاء عن إنقاذ الضحية الذي حاصره الحريق.
امتناع طبيب عن إجراء عمل جراحي يتطلبه الوضع الصحي للمريض.