بقلم – فاطمة أنور
قصة خلق سيدنا آدم عليه السلام ذكرت في عدة مواضع من القرآن الكريم، منها في سورة الحجر من الآية 26 إلى الآية 44. و مفادها أن الله تعالى قال للملائكة أنه سيجعل في الأرض خليفة، فقال الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها كما أفسد الأولون؟ فقال تعالى: إني أعلم ما لا تعلمون. فخلق الله آدم عليه السلام من طين الأرض، و لما خلقه و سواه أمر الملائكة أن يسجدوا له إذا نفخ فيه من روحه.
ثم نفخ فيه الروح فسجد له كل الملائكة إلا إبليس، و إبليس لم يكن من الملائكة إنما كان معهم على الصحيح، و إنما إبليس كان من الجن، و إلا فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، و لم يسجد تكبرا و بغيا، فلما سأله الله: ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك؟ فقال: أنا خير منه، خلقتني من نار و خلقته من طين. فتكبر على آدم عليه السلام. فلعنه الله و أخرجه من رحمته، و وعده بالنار يوم الدين، فقال إبليس: بعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين.
فكان إبليس غويا و عصى أمر الله و أبى إلا الاستكبار و البغي، فحلت عليه لعنة الله إلى يوم الدين. تعهده الله بالنار هو و من اتبعه من الغاوين. و في هذا حكمة يعلمها الله، أن يخلق الخلق و هو يعلم أنهم سيعصونه، و أن يعاقبهم على أفعالهم و هو يعلم أنهم سيخطؤون، و من الشر ما يؤدي إلى الخير. و هو أعلم بما يفعل، و لا يُسأل عما يفعل و نحن نُسأل.
ثم علم الله آدم عليه السلام الأسماء كلها، و اختلف العلماء في ماهية هذه الأسماء، و منهم من قال أنها أسماء الأشياء التي نعرفها في الدنيا… المهم أنه علمه علما، ثم عرض هذا العلم على الملائكة فقال لهم: أنبئوني بأسماء هؤلاء. فقالوا: لا علم لنا إلا ما علمتنا. فأمر آدم عليه السلام أن ينبئهم بأسمائهم فأنبأهم فقال الله: ألم أقل لكم أني أعلم ما لا تعلمون
و أسكن الله آدم عليه السلام الجنة، ثم خلق له أمنا حواء من ضلعه، و قال له: يا آدم اسكن أنت و زوجك الجنة و كلا منها رغدا حيث شئتما، و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأمرهما أن يسكنا الجنة و يأكلا منها حيث شاءا إلا شجرة واحدة أمرهما بعدم الأكل منها.
و عاشا في الجنة زمنا يعلمه الله، ثم أتاهما إبليس عليه لعنة الله فوسوس لهما و قال لهما: ما منعكما ربكما من هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. فأغواهما إبليس و زين لهما المعصية حتى وقعا فيها، و فعل معهما كما يفعل مع أي منا حين يغوي أحدنا فيأتي المعصية و هو يعلم أنها محرمة عليه، فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما و كانا مستورين قبل ذلك، فصارا يواريان سوءاتهما بورق الجنة.
فأمرهم الله جميعا عندها بالنزول من الجنة، آدم و حواء و إبليس، فقال: اهبطوا منها جميعا. و تاب آدم عليه السلام إلى ربه فتاب عليه و غفر له، لكن إبليس لم يتب، و أنزلهم الله جميعا إلى الأرض، و صار إبليس و ذريته من الشياطين أعداء لآدم عليه السلام و ذريته من الإنس إلى يوم الدين، و صار سيدنا آدم عليه السلام و ذريته في اختبار كبير على الأرض، من نجا من كيد الشيطان فآمن بالله و لم يشرك به شيئا و أطاعه دخل الجنة، و من غوي و كفر بالله و أشرك به و عصاه دخل النار.
أبناء سيدنا آدم عليه السلام
و عاش سيدنا آدم عليه السلام على الأرض هو و حواء، و رزقهما الله بالذرية توائما، كل توأم ذكر و أنثى، و لما كبروا أمرهم أبوهم أن يتزوج كل ذكر منهم بأنثى غير توأمه، و في ذلك كان لديه ولدان أحدهما يدعى هابيل، و الآخر قابيل، فأمر هابيل أن يتزوج أخت قابيل، و أمر قابيل أن يتزوج أخت هابيل، فضن قابيل بأخته و بخل بها على أخيه هابيل و أرادها لنفسه.
فتنازعا عليها و الحق مع هابيل لأنه أمرُ أبيهما، فاحتكما إلى نبي الله آدم عليه السلام، فأمرهما أن يقربا قربانا، فقرب كل منهما قربانا لله فتقبل من هابيل و لم يتقبل من قابيل. فأخذ قابيلَ الغضبُ و الكبر و غلبه الشيطان فقال لأخيه: لأقتلنك.
فقال له هابيل: إن أنت بسطت إلي يدك لتقتلني فما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين.
ثم اتبعه حتى خلا به بمكان فقتله، و لما سقط في يده لم يدر كيف يواريه، بعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه، عندها قال: يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي، فأصبح من النادمين، و دفن أخاه، ثم أخذ أخته فهرب بها من بلاد أبيه، و ما كان بعد ذلك من حال قابيل اختلف فيه أهل العلم، و الله أعلم بما حل به.
وصاية سيدنا آدم عليه السلام لابنه شيث قبل وفاته
و ولد لآدم عليه السلام بعد وفاة هابيل ابن يدعى شيث، و هناك من يقول أنه من الأنبياء، و لما مرض آدم عليه السلام مرض الموت أوصى له من بعده، و يقال أنه ولد وحده بدون توأم، فعلمه مما يعلم من أمور العبادات و ساعات النهار…
وفاة سيدنا آدم عليه السلام
و لما اشتد على آدم عليه السلام المرض و حضره الموت جاءته الملائكة بالكفن و الحنوط من عند الله، و لما مات غسلوه و كفنوه و حفروا له و ألحدوه في قبره ثم قالوا لأبنائه: يا بني آدم هذه سنتكم.
اختلف في موضع دفنه و عمره، أما عمره فالراجح أنه كان ألف سنة أو أكثر بقليل، و أما موضع دفنه فليس فيه قول واضح، فالأفضل أن نقول العلم لله.



