كتب _ أحمد دويدار
أصبحت التجارة في التعليم الجامعى الخاص من الامور البديهية التي تحدث امامنا في وضح النهار دون ان يحرك أحد ساكنا بالرغم من المقولة الحكيمة التي تري أن التعليم لايزال هو القضية الأكثر تأثيرا فى المجتمع اذ يغير العماد الأساسى للتنمية البشرية , خاصة التعليم الجامعي وبالتحديد الجامعات والمعاهد الخاصة التي بدأت في منتصف التسعينات أي منذ اكثر من عشرين سنة كتجربة للجامعات والمعاهد الخاصة والاهلية في مصر حيث ان فلسفة هذه الجامعات هي فلسفة سلبية تضر بالمجتمع اذ تقوم على الربح كهدف رئيسى ولا تخدم إلا الأثرياء فقط او من يضطر من الطبقة المتوسطة إلحاق إبنه بها بسبب قلة المجموع .
كما أن فلسفة هذه الجامعات تناقض جذريا مع ما حدده قانون سنة 1992 لتنظيم عمل الجامعات الخاصة فى مصر حيث نص القانون على عدم استهداف هذه الجامعات للربح ولكن الواقع يؤكد أن الاهالي يدفعون فيها مبالغ طائلة غير رسمية احيانا من أجل ان يلتحق ابنائهم فيها بسبب قلة المجموع ومحاولة الالتحاق بجامعة او أي معهد عالي والسلام حتي لا يضيع مستقبلهم من وجهة نظر الاهالي ولكن الواقع العملي لهذه الجامعات والمعاهد الخاصة يقول بانها أصبحت معظمها مجرد “دكاكين ” لبيع الشهادات الجامعية فهذه “الدكاكين” التي تخرج جيل من الشباب غير مؤهل تماما لسوق العمل كما تحولت إلي كباريهات ليلية ورقص وزواج عرفي بين الطلاب كما ظهر فيها انتشار المخدرات ، واذا عدنا قليلا 10 سنوات من الان مثلا سنجد فضائح كثيرة لا تعد ولا تحصي للجامعات الخاصة والمعاهد التي تعمل تحت اشراف وزارة التعليم العالي فقد يتم قبول طلاب جدد بالمئات فى معاهد غير مؤهلة تحمل شعار تعليم غير هادف للربح والحقيقه انها تستنزف اولياء الامور بشكل رهيب في مصروفات ورسوم غير معترف بها ولا تعلم عنها الوزارة شيئ ، ناهيك عن بيع الوهم للطلاب وإنشاء مراكز تدريب تبيع الوهم لهم وهي سبوبة الدورات الإنجليزية ودورات الحاسب الالي مع فرض رسوم هذة الدورات علي الطلاب ، بل وصل الحال في بعض المعاهد إلي منع دخول الطلاب المتعثرين و الغير مسددين المصاريف الدراسية ، كذلك عدم وجود تدريب عملي للطلاب في الكليات العملية والحصول علي أموال دون وجه حق والادعاء بوجود كوادر من المعيدين وأعضاء هيئة تدريس للحصول علي اكبر عدد من الطلاب في التنسيق، كذلك وجود مخالفات إنشائية ومباني مخالفة اقيمت علي اراضي زراعية لبعض المعاهد ، كما ان بعض الجامعات الحكومية ليست بعيدة عن هذا المشهد العبثي وليس أدل على هذه الحالة المضطربة من تولى 10 وزراء مسئولية التعليم العالى خلال تلك الأعوام ومع الأسف فإن كلا منهم أسهم بأدائه فى إرباك المشهد باستثناء الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى الأسبق الذى قال :”لو تعرفوا كم الفساد اللى فى وزارة التعليم العالى يغمى عليكم”، فبهذا الفساد تأخرت مصر سنوات طويلة في مؤشر جودة التعليم الجامعى بتقرير التنافسية العالمية لعام 2014 الصادر من منتدى الاقتصاد العالمي، كما جاء ترتيب مصر فى المركز الأخير 144 فى مؤشر جودة إدارة المؤسسات التعليمية.
وبالنسبة للمعاهد العليا الخاصة فهناك مخالفات عديدة للمعاهد العليا رصدتها تقارير التعليم العالى ، تبدأ من عدم وجود كوادر مؤهلة للتدريس للطلاب ولم يحصلوا علي دورات تنمية قدرات وجودة , وانتداب أعداد محدودة جدا من أعضاء تدريس الجامعات للقيام بتلك المهمة، وتمتد إلى ظواهر الغش الجماعى فى الامتحانات، وتعديل النتائج ، وانتشار الدروس الخصوصية وبيع الاسئلة الامتحانية أحيانا ، وفرض رسوم دراسية غير مقررة من الوزارة وعدم إعطاء اولياء الامور إيصالات بهذة المبالغ وتعمد ادارة المعاهد اختيار العمداء الذين لا يعارضون ممارستهم الخاطئة بل يعتمدوها من منطلق انتظار ذهب المعز !
بالاضافة الي قبول أعداد كبيرة من الطلاب بما يفوق طاقة المعاهد الحقيقية بشكل يستحيل معه إكمال أركان العملية التعليمية استغلالا لقرار مجلس شئون المعاهد بزيادة أعداد المقبولين بكل معهد 10% عن الأعداد التى حددها القطاع فى العام السابق، بالرغم من عدم تقديم أى إثباتات تؤكد توفر أعضاء تدريس لهذا الكم من الطلبة فقد تلجأ بعض المعاهد الي عدم افادة وزارة التعليم العالي باستقالة عضو التدريس بالرغم من تقديمه الاستقالة للمعهد فعليا وحصوله علي اخلاء طرف من المعهد الا ان الاخير لا يبلغ الوزارة بذلك حتي يتسني لهم الحصول علي عدد كبير من الطلاب بالمخالفة للواقع .!! وأحيانا يحدث هذا تحت سمع وبصر بعض موظفي الوزارة ..ولكن علي أي حال هذه هي المعاهد والجامعات الخاصة التي علي الرغم من المكاسب المادية الهائلة التى تحققها هذه المنظومة الفاسدة إلا انها تساهم بشكل كبير في هدم العملية التعليمية في مصر ، فى ظل تراجع فرص قبول طلاب الثانوية بالجامعات الحكومية، لذلك فإن خضوعها لتشريع قانونى منفصل عن منظومة الجامعات الحكومية والأهلية ، وضرورة الرقابة المستمرة عليها والتفتيش المالي والإداري من قبل الوزارة و الهيئات الرقابية ربما يكون هو السبيل الامثل للحل ، لكننا مازالنا نطرح السؤال من يحمي الفساد في بعض الجامعات والمعاهد العليا الخاصة في بلدنا مصر ولماذا تري وزارة التعليم العالى هذا الفساد والتجارة و”السبابيب “وتقف عاجزة !






والموظفين بداخلها يحصلون علي رواتب اقل ما يقال عليها انها ضعيفه جدا بالرغم مما يحققونه من مكاسب خياليه