تقرير – عماد إبراهيم
كان البطل الشهيد عبدالحليم متزوج حديثًا وزوجته حامل فى الشهور الأولى لها ، وكان يعمل (مشرف مناوب بالنوبتجيات والسهر) بمستشفى ادكو المركزى ، وهو من الشخصيات الدؤوبة على الإجتهاد ومن المخلصين جدا فى عملهم ، وعندما نادى نادي الجهاد على جنود الجيش الأبيض ، سارع عبد الحليم ليأخذ مكانه فى الصفوف الأمامية وفى مقدمة الجيش ، فكان له من البطولات الكثير والكثير ، ويشهد له جميع زملائه بذلك .
فقد كان يعمل مؤخرا فى تطوير قسم العزل بالمستشفى ، دون خوف ودون رهبة من الإصابة بالعدوى ، وفى يوم من الأيام شعر بأعراض المرض ، ولكنه فى بداية اصابته لم يبلغ أحد بإصابته ، وداوم على تلقى العلاج بالمنزل ، إلا أن اشتد عليه المرض ، فقام بالإتصال برئيسة التمريض للإعتذار عن حضور نوباتجية السهر (اشراف المستشفى) ، ولم يُرِد ابلاغ أحدٌ بمرضه ، حتى تمكن الفيروس منه ، واصابه بتليف فى الرئتين ، وتم حجزه بعناية العزل داخل المستنشفى .
وظل عبد الحليم يصارع المرض ومتشبثٌ جدًا بالحياة ، أقصى أمانيه أن يرى ابنه ، فكما ذكرنا سابقا أنه كان عريس جديد وزوجته فى بداية حملها………..
ووصلت حالته لمرحلة صعبة جدا ، وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعى ، وفى عز مرضه ومعاناته كان يكتب على الحائط ( بشوف أحلام وحشه … نفسى أشوف ابنى ) ….
ما أصعب ذلك على زملائه وهم يرونه يصارع الموت ، ويصارع هذا الوحش المخيف ، وهم يعلمون جيدًا أن فرص النجاة معدومة تمامًا ، وأن الأمل فى الشفاء ضئيل ، فقد رأوا حالات كثيرة مثل حالته ، ولم يستطع أحد النجاه من هذا العدو الفتاك .
وتم ابلاغ قيادات المديرية بحالته ، وعلى الفور وفى محاولات جادة من السيد الدكتور وكيل الوزارة فى هذا الوقت ، ومن الأستاذ الدكتور حموده الجزار وكيل المديرية ومن الدكتور أحمد الجميل بالتعاون مع مدير المستشفى ، لنقله لمكان به خدمات طبية أفضل .
وتم ارسال سيارة اسعاف مجهزة ، بها جهاز تنفس صناعى لمستشفى ادكو لنقله …..
رفض الأب نقل ابنه بناءً على رغبة حليم ، فقد طلب البطل أن يموت وسط زملائه ، وفشلت كل محاولات الإقناع ، فقد أبى أن يترك المكان الذى عمل به ، وشهد له بالكثير والكثير من البطولات فى رعاية المرضى ، وفَضَّلَ أن ينتظر الموت وهو بجوار أحبته الذين عملوا معه على مدار عمره الوظيفى ……….
ولم تمر سوى ساعات قلائل ، إلاَّ ويلفظ البطل أنفاسه الأخيرة. وسط كل زملائه ومحبيه ، ومعهم ثلاث أطباء عناية مركزة ، فى محاولات جادة من الإنعاش القلبى الرئوى ، لكى يعيدوه للحياة ، ليحقق حلمه برؤية فلذة كبده المنتظر ، ولكنه قضاء الله وقدره ، واستُشهِد البطل عبدالحليم عبدالهادى الزيات ……..
فى المكان الذى كان يؤدي فيه عمله .
وبعد مرور سبعة أشهر …يجيئ الإبن ( أحمد ) عبدالحليم علوانى ويشرف الدنيا مولودًا جديدًا ، يبحث عن حنان أبيه وعن أب يتحمل متطلبات الإبن للمعيشة. لكن أباه قد رحل …..
رحل وقد ترك له تاريخًا مشرفًا ناصع البياض ، وضرب له أروع الأمثلة فى التضحية بصحته وعافيته وشبابه لتمريض المرضى وخدمة المصابين ……
رحمة الله عليك أيها البطل الشهيد ، فقد عِشتَ محبوبًا ، ومُتَّ محبوبًا ، وإن شاء الله تعالى وجبت عليك محبة الله .
اللهم اجعله عندك من المتقبلين ، وأكرم نُزله ، ووسع مُدخله ، واجعل قبره روضةً من رياض الجنة ، واجعله فى أعلى عليين ، وبارك فى ابنه يا رب العالمين ….اللهم آمين .





More Stories
برعاية الدكتور مينا يوحنا.. اجتماع موسع لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان بكفر الشيخ لتعزيز الوعي المجتمعي والمشاركة الوطنية
إتحاد “شباب العمال” يشكل غرفة عمليات مركزية وتواصل أعمالها على مدار الساعة لمتابعة سير العملية الانتخابية
كلمات بلا أفعال لن تحقق العدالة المناخية .. تحذير رسمي من الدكتور مينا يوحنا