20 نوفمبر، 2025

الشرق الأوسط نيوز

آخر الأخبار تعرفونها فقط وحصرياً على الشرق الأوسط نيوز موقع اخباري شامل يدور حول العالم

الحرمان والتظاهر 

 

كتبت/ ياسمين شعبان علي 

 

 

 

 

الحرمان؛ يالها من كلمةٍ تحملُ كل معانِ الحزن! كلمةٌ لا يشعر بها غير إنسان أنال مكاناً منها نتيجة الفقد لعزيز لديه. الإنسان لا يعرفُ قيمة الشئ الموجود في حياته إلا بعد زوالهِ، وهذه حقيقة البشر جميعاً، يكون الإنسان ممتلك الشئ وسعيد بوجوده ولكنه منشغل عنه بسبب ظروف الحياة، ولكن بين عشيةٍ وضُحاها لم يجد ذلك الشئ الذي كان مصدر سعادته، لقد تم فقده للأبد. هنا يشعر هذا الإنسان بالحرمان حقيقة ولا آحد غيره يشعرُ بألم تلك الحرمان.

 

 

 

الحرمان يالها من كلمةٍ تؤثر في نفس الفاقد! وذلك لأن الشئ المفقود من المستحيل الإتيان به مرةً ثانيةً. وإن من يتأمل تلك الكلمة يشعر بآهات الفاقد المختبئة داخل أحشائه، يشعر بألم نفسه المتوارية وراء تعبيرات مصطنعة. وإن من يشعر بتلك الكلمة يستطيع معرفة حقيقة نفوس من حوله، ومن هنا نربط الحرمان بالتظاهر لأن إحداهما نتيجة للأخري.

 

 

 

 

كلمة الحرمان تختلف إليها نظرات الإنسان، فمنهم من ينظر إليها نظرة عابرة دون اهتمام لأنها بالنسبة له كلمة عادية ليس بينه وبينها شئٌ ومنهم من ينظر إليها نظرة المتأمل لحروفها لأنه يَعي جيداً أثر تلك الكلمة في حياته وكأنما يُريد أن يحكي لها ما بداخله من آلام وآحزان نتيجة وجودها في حياته، كأنما يُريد أيضاً أن يتوسل إلي كل حرف من حروفها بتخفيف آلامه، يتحدث إليها كأنها شخص مثله، لعلها تستمع إليه وتشعر أكثر بآلامه بعكس تلك المحيطين به المتبنين التظاهر، وهم في حقيقة الآمر عكس ما يظهرونه له.

 

 

 

يزداد ألم تلك الكلمة وأثرها في النفس عندما نري ذلك الشئ المفقود لدي أشخاص آخرون وتجدونهم يتمتعون تماما بها مثلما كنت تتمتع وتسعد بها، أنت هنا فقط تشعر بتعصر قلبك من شدة الحزن.

 

 

 

 

 

حرمان الإنسان لشخص ما لا يمكن تعويضه ببديل يملئ مكانه الفارغ من أشد وأصعب أنواع الحرمان، ومن هنا نشبه الحرمان بشخص قوي ينزل بعصاه علي رأس من يصيبه فيفقده الكلام ويُثير في نفسه حسرات وآحزان نتيجة لما أصابه، إنه الوحش الكاسر الذي لابد أن يشعر به الجميع، لا آحد يسلم من ضربته القوية.

 

 

 

 

تلك الضربة التي يستطيع بعضهم تحملها بل ويزداد قوة بعدها بعكس البعض الآخر الذي يستسلم لهذه الضربة وتنتهي حياته بعدها، وليس معني إنتهاء حياته بأنه يتواري تحت التراب ويصبح أنيسا لما في القبور ليس هو ذلك، وإنما تصبح حياته ليس لها أهمية بالنسبة له، ويصبح كل من حوله لا يعنون له شئ، وأصبحت مشاعره تتسم بالجمود والتصلب.

 

وعندما يدخل الحرمان إلي حياة الإنسان يَلقي من قِبل تلك الإنسان اتهامات وتساؤلات كثيرة منها مثلا :

 

_لماذا أنا

 

 

_هل أنت سعيد بما فعلته بي

 

_وهل وهل

 

 

 

فيجيب إليه الحرمان شامخا الرأس إنك بفضلي عرفتُ من أحبائك، إني أريتك حقيقة كل شئ كان يتصنع العكس في حياتك، إني جعلت منك شخصا يطمح إلي تحقيق أهداف كبيرة، إنك بفضلي تحزن وتصبح جادا في أخذ قرارات تتعلق بمصير حياتك، يصبح منك شخصا آخر ينظر إلي العالم من حوله نظرة أخري؛ نظرة تسودها التفاؤل والتطلع إلي الأفضل والأحسن

وبعد أن يأنس الإنسان بذلك الحرمان يُقدم إليه من يلازمه وهو التظاهر .

 

 

 

 

 

إن الإنسان بعدما يصاب بالحرمان يصبح أكثر معرفة بمن يتظاهر حوله ولكن هذه المعرفة والحقيقة تؤلمه كثيرا لأنه كان يري أنه لا يستحق ذلك التظاهر من هؤلاء، كان يستحق من يخفف من حرمانه بل ويجعله يتغلب عليه، ولكن علي الإنسان الذي أصبح الحرمان رفيقا له أن لا يُعيره أي إهتمام ويتحمل آلامه ويأمل إلي غد أفصل لأن بعد كل ظلام تشرق شمس جديدة فتنير العالم مرة ثانية.