بقلم ـ فاطمة القاضي
المرة الأولى التي تخونك فيها الأصابع التي أمسكت بك، لا تعلم أنها كانت تجهّز لحظة تركك.
الخذلان ليس حادثة عابرة، بل مَسْرَح تُضاء أنواره لتكشف من كانوا طيفًا ومَن بقي حقيقة.
يوم تقع — وستقع — لن تجد سوى نفسك أمام مرآة السقوط: الأرض صديقةُ ثِقَلٍ، والسماء نادٍ لا يفتح أبوابه لأحد.
الناس كأوراقٍ على شجرٍ عالٍ: بعضها يسبح في مَناخٍ من عِناية، وبعضها يترك ريشه على الطريق حين تهب الريح.
أحببتهم كأنهم جسري، فكانوا جُسورًا تُرفع وتُخلى، تَمرّ عليها خطواتك ثم تُفكّ رُكائزها في الصمت.
ذاك الذي وعد بيدٍ ترفعك، قد يصبح من أوائل من يترك يده قبل أن تلمس الأرض؛ هكذا الخذلان يَهْدِمُ من بالمقلوب لا بالثبات.
حين تهبط، ستلمس بقايا وعودٍ على ركبتيك؛ كلماتٌ ناعمةٌ كانت، لكنها لم تمنعك أن تكون وحدك في الاحتكاك بالألم.
لكن الوحدة ليست دائمًا عدوًّا: هي لحظة مرآة تُعرّفك من أنت عندما تختبر وزنك الحقيقي بلا دعمٍ خارجي.
لا تستغرب إذا كانت السقطة وحيدة — تعوّد أن تكون رفيق نفسك: تُواسيها، ترفعها، وتعلّمها كيف تمشي على بقاياها.
التحمّل ليس أن تمنع السقوط، بل أن تعرف كيف تنهض بعده، وكيف تبني من خيباتك جسورًا لا يُهدم بسهولة.
وإن كنت تظن أن العالم خالٍ من الأيدي الممدودة، فاعلم أن بعض الأيادِ ستعود حين تُعيد صنع نفسك، ليست لتشتريك بوعود، بل لتشاركك الطريق الحقيقي.
فالخذلان مدرسة قاسية — لكن النجاة منها تبدأ حين تتقبّل أنك قد تسقط وحيدًا، ثم تكتب من وحدتك قانونًا جديدًا للحياة.





More Stories
المتحف المصري الكبير: اللؤلؤة التي تتوّج مصر تاريخًا تُعرض للعالم
لديّ رؤيتي الخاصة أيضًا…
ترامب: إسرائيل ستفقد دعم أمريكا بالكامل إذا ضمّت الضفة الغربية